صفوها أنتم بما شئتم .. فلا أعرف لها وصف محدد، أنا فقط أريد أن أعبر عن ذاتي.

٢٠٠٨-٠٣-٢٤

شخصية كرتونية في زمن الحجر


قالت صديقتي : أنت شخصية غريبة .
قلت : كيف ؟
قالت : شخصيتك تبدو خيالية .. إنها أشبه ما تكون بشخصيات الكارتون . إنك لا تعيش معنا في الواقع . أنت عائش في العالم الإفتراضي . رومنسيتك مـُفرطة . في زمن لا تـُجدي فيه الرومنسية ، و لا تنفع .تبحث بشغف عن الحب ، تجري ورائه ، حتي تقع علي وجهك ، و دائما ما تُصيبه الندبات و الجروح ، و لا زلت تـُصر ، و لا تتعب ، و لا تتعلم من أخطائك .

و قلت لها : ترين أن شخصيتي غريبة و خيالية و كرتونية و أعيش في العالم الإفتراضي و لا أمت للواقع بصلة لأني أبحث عن حق من حقوقي الأصيلة ، أن أجد نصفي الآخر الذي به تكتمل حقيقتي .. حقيقة وجودي .. كإنسان يعرف و يوقن و يدرك و يثق جيدا ً أهمية وجود النصف الآخر في حياة الرجل ؛ حيث تكون النفس مستقرة و هادئة و من ثم أكثر قدرة علي مواصلة تعب الحياة و تكون خـُطاه علي طريق الإبداع و التميز أيسر . فجملة وراء كل عظيم إمرأة ، لم تأت من فراغ .صحيح أن هناك نماذج أبدعت و نجحت و كانت المرأة في حياتهم سبب للشقاء لكن تظل هذه النماذج هي الاستثناء و ليس الأصل . و صحيح أن وجود المراة في حياة الرجل من الممكن أن يتخذ عدة أشكال : كالصديقة المتفهمة ، أو العشيقة المتدفقة عشقا ً ، أو العاهرة المتبجحة ، أو الزوجة . و الزوجة بلا شك هي أرقي و أطهر هذه التصنيفات بشرط أن تكون صديقة و عشيقة و عاعرة أحيانا ً و زيادة علي كل هذا أم حنونة .

إنني يا صديقتي .. لا أدعي أني غير مفرط في الخيال أحيانا ً ، و لا أدعي أيضا ً أني واقعي صرف .
إنني يا صديقتي إنسان يحمل بين جنبيه من المتناقضات و المتغيرات أكثر بكثير جدا ً مما يحمل من الثوابت و المُطلقات .أنا أكتسب إنسانيتي من جمعي بين المتناقضات و ليس من الإدعاء أني أمتلك الكمال و الرؤية الواضحة السديدة في كل قول أو فعل أو إحساس . إنني بشر أخطئ و أصيب . أحب و أكره . أسعد و أشقي . أبكي و أضحك . أتذكر و أنسي . يكون قلبي أحيان في رقة العصفور و أوقاتا ً أخري يكون كحجر صلب . و لولا هذه المتناقضات الموجودة في كل منا ما كان سعي الإنسان إلي الكمال غريزة طبيعية فيه ، و لا كانت للانسان دولة و لا فكر و لا ابداع و لا حضارة .

أنا لا أنكر أن الرومنسية و الخيال يشكلن جزء عظيم من شخصيتي ، لكن غير صحيح ما قررتيه أني مفصوم عن الواقع و أسرح في مجرات التخيلات و التمنيات . لا يا صديقتي أنا ، و لا تغضبي مني ، أكثر واقعية منك ِ ، و ممن قال قولك و وافقك عليه .

أتفق معك ِ أن قانون حياتنا الحاكم الآن هو : المادة . و أنها طغت و بغت علي كل مناحي الحياة ، و نــَصــَبـَت من نفسها حكما ً في كل شئ . حتي أصبحت هي الأصل و ما عاداها فرع ، هذا إذا لم تكن قد تعدت أيضا ً علي كل الفروع و وضعتها جانبا ً أو نسفتها لتغرد هي وحيدة سعيدة بلا منافس أو منازع أحيانا ً . أتفق معك ِ في هذا لكن : هل نحن طبقا ً لمـُعطيات المادة و قوانيينها كائنات ميكانيكية كالموتور نضع فيها القطن من الخلف فيخرج في كل مرة قماشا ً من الأمام ؟!أين مشاعرنا من هذه العملية . أإنتحرت أم ماتت أم قـُتلت عمدا ً أو كمدا ً ؟ و ماذا يكون الحال لو عشنا بلا مشاعر ؟ و بلا قيود أخلاقية . إن هذا إن حدث فحتي مصير هذه العملية الميكانيكية لن يكون غير التفكك و التحلل و العودة إلي مرحلة الفوضي و غـلبة سًلطان القوة لا روح الرحمة علي التفكير ، و من ثم فالقوة وحدها لا تكفي ، إذ لا تكون معتدلة دون رحمة و دون شفقة ، دون حد أدني من المشاعر .. و بكلمة واحدة : القوة وحدها لا تكفي في حياتنا دون وجود كفة أخري في ميزان الحياة هي كفة المشاعر الطيبة .. متمثلة في الحب .

قد تٌهمهمي الآن بين نفسك .. أنك تخدع نفسك بهذه الأفكار و أنك تثبت لي صحة قولي : أنك شخصية كرتونية خيالية لا تمت للواقع بِصِلة .

و أقول يا صديقتي : لكل إنسان في الحياة فلسفته .. و لكل فلسفة سلوك يحتذيه متبعها .. و لكل سلوك ثمن يدفعه . و فلسفتي هي أن أكون إنسان أعيش في الواقع و لا أرتضيه بل أعلو عليه ؛ لأن الواقع مـُكبل بالمشكلات التي تـُكبل حريتي و دونما أدري أجد نفسي إذا أنغمست فيه كـُلية قد وصلت لمرحلة الذوبان التام ؛ و من ثم فقد فرض الواقع علي إرادته و فقدت كدوري الأساسي كفاعل في الطبيعة و الواقع إلي مجرد مفعول به . و علوي عليه يكون بتفكيري الخيالي الشاطح ، و قد أرتضي في سبيل هذا أن يكون تفكيري مرة موافقا ً لجزء من الواقع حتي أصل في النهاية إلي فرد إرادتي و حتي تنتصر فلسفتي . أنني أدخل معركتي و أعرف مسبقا ً أن الحروب ليس فيها نصر دائم و لا إنهزام دائم أيضا ً و أنه نادرا ً ما يفرض أحد الفريقين إرادته الكاملة علي الآخر .. و لكن الذي يحدث أن النتائج غالبا ً ما تكون توفيقية بين الطرفين . و لكن أليس إذا أكون قد وصلت لهذا المرحلة أكون قد نجحت في هدف مهم من أهدافي : و هو تغييير الواقع .. و فرضت جزء من إراداتي علي الأحداث .

أنا يا صديقتي : أسكن في الواقع و لكنه لا يسكنني . و هذا فارق مهم بيني و بينك . أن أريد أن أسيطر عليه و اتملكه و لا أجعله هو يسيطر علي و يتملكني . أنا بإختصار أريد أن أكون في هذا الحياة : فاعلا ً و ليس مفعول به .

و بثقة قائد عسكري واثق من نصره : سأنتصر أنا و فلسفتي .. لأننا الأوفق لطبيعة الإنسان المزدوجة ، و ليست فلسفتك أحادية الجانب .

٢٠٠٨-٠٣-١٣

رسالة الي غائبة



عزيزتي الغالية ..

فراقك ليس بالشئ الهين ؛ فرغم إتفاقنا غير المعلن أن يختفي كل منا من حياة الآخر في صمت إلا أن ما بي من شوق يجعلني لا أقو علي نسيان لحظاتنا الجميلة ؛ فلا زلت ِ حاضرة في فكري و في لغتي و في نظرتي للجمال و الأنوثة .

أنت ِ أنثاي الأولي .. عشقي الأول .. شغفي الأول .. لهفي الأول .. و من الأول .. و من الواحد يأتي الجميع .. أنت ِ الصيرورة و الديمومة .. و الأبدية ..

فكيف لي أن أنساكي ؟ و كيف أمحوك من حياتي .. و أنت ِ كالنفخة المقدسة تبقي حتي بعد فناء الجسد ..

بلي ..يا حبيبي .. ضاقت علينا الأرض .. و أستحال عليها لقاؤنا .. و لكن الأرض عمرها قصير .. و ما بعدها أبدي .. سرمدي .. لا نهائي ..

غدا ً ألقاك ِ .. حيث لا يكون وجود لكلمة أو معني لفراق أو غربة أو نهاية ..
غدا ً ألقاك ِ .. حيث نتوحد .. و يعود الواحد واحدا ً صحيحا ً حقيقيا ً ..

الأرض مزقت الواحد إلي نصفين .. كل منهما بواد ..
و بعد الأرض .. يلتئم النصف بنصفه .. و يـُلاقي الشبيه شبيهه ..

الأرض دار التشرذم و التفكك و الضياع ..
و بعد الأرض التوحد و الترابط و الإلتئام .. و التكامل ..

منشور أيضا ً في مدونة الأيام

٢٠٠٨-٠٣-١٠

الخطاب الديني الحيواني



هل كان القرآن عُنصريا ً حين قال في معرض حديثه عن اليهود كونوا قردة خسئين ؟!
إستوقفني هذا السؤال حين قرأت دعاية بأحد الشوارع تُندد بالرسوم الدانمركية المسيئة لرسول الإسلام محمد بن عبد الله ؛ فقد جاء في الدعاية النص التالي صراحة :( قاطعوا بلاد الأبقار ) !!
التساؤل الثاني : أهكذا هناك من المسلمين من ينظر للآخر المخالف المختلف معه – أيا ً كان نوع الخلاف أو الإختلاف أو درجته أو صحته من خطئه ؟.هذا كلام و رد فعل ينطوي علي مخزون نفسي و فكري و تراثي و ثقافي في العقل الباطن المسلم يدل علي ما به من عِوار و خِوار ؛ إذ بهذا العقل الباطن المريض يُقسم الناس إلي خنازير و أبقار و غيره من الحيوانات الأخري .. و كأن الأنسانية صفة لا يستحقها إلا من يدين بالاسلام دينا ً .. فأي مصيبة تلك و أي خبل ؟!
أهذا كل ما نمتلكه من أسلحة للرد علي من أساء ، سلاح الشتيمة .سلاح الضعفاء و المهزوزين .

و عودة إلي السؤال الذي أفتتحنا به الموضوع : هل كان القرآن عُنصريا ً حين قال في معرض حديثه عن اليهود كونوا قردة خسئين ؟!

و جواب السؤال كما يهدينا إليه العقل و الفطرة هو :
إن كان يقصد عموم اليهود فنعم هو عنصري .
و إن كان لا يقصد عمومهم .. و يقصد معني آخر .. فلا .

ما جاء الاسلام – حسب فهمي له – ليُبيد غير المؤمنين به من خارطة العالم ، و لا لينتزعهم إنتزاعا من قائمة البشر و يضعهم غصبا ً في مستوي أقل من البشر . و ما جاء ليوزع علي الناس أوصافا ً عنصرية أو تهكمية فهذا قطعا ً ضد ما نعرفه هنا من بلاغة و أدب و تميزه بأسلوب راق في الحوار و المجادلة خصوصا ً مع المخالفين للدين .

إذن فالأكيد عقلا ً و فطرة أن مقصود القرآن من قول القرآن في حديثه عن اليهود ( كونوا قردة خسئين ) ليس لعموم اليهود .. و لا لخصوصهم أيضا ً و إنما الكلام لابد و أن يكون موجها ً إلي المعني التالي و هو : أن كل من يفعل كذا و كذا و كذا من الذنوب فحاله كحال القرود . و نحن نعلم كيف هو حال القرود التي لا تصلح إلا للتلسية و نحن نراها كأنها في قلق مستمر و عدم هدوء و راحة بال . و الكلام لابد و أن لا يكون مخصوصا ً باليهود فقط بل لكل من يفعل هذه الأفعال سواء من الأمم التي سبقت اليهود أو لاحقتها ؛ لأن النفس الإنسانية كحقيقة مصدرها واحد ، بمعني أن لها أساس مشترك في إنها مفطورة علي حب الخير و الحق و الجمال ، و تنفر من الشر و الظلم و القـُبح ، و من إنها لا تجد راحتها إلا حين تنسجم مع هذه القيم الكبري و لا تشقي إلا بعدم تلاقيها معهم .

و إذا كان هناك من المعترضين من سيظل عند نفس رأيه العنصري البغيض أن يسلموا و لا يعارضوا برأي النفر الذين يختزلون القرآن في إنه مجرد كتاب تاريخ ؛ إذ لا مبرر لهؤلاء المعترضون علي الإعتراض طالما أن فهمهم للمواضع التي تتحدث عن اليهود أنه خطاب في اليهود فقط و ليس للناس و الأمم كافة .

ً إن حل مشكلة الرسوم المسيئة للرسول لن يأتي بالوسائل العاجزة من شتيمة و خطب رنانة و إنما الحل في أن نفهم أولا ً معني التعايش مع الآخر المخالف لنا المختلف عنا و لن نفهم إلا إذا تخلصنا من أكذوبة أننا – بشكل مطلق – جميعا ً خير أمة أخرجت للناس . فلسنا واقعيا ً خير أمة و إنما الواقع إننا ذيل الأمم .

و الحل يحتاج لوقت طويل جدا ً . و حتي فإن مشيئة الله كانت إنك لن تُكره الناس أن يكونوا مؤمنين .
الموضوع منشور أيضا ً بمدونة الأيام


٢٠٠٨-٠٣-٠٤

لا وجود للماضي .. ؟

المفكر د. مصطفي محمود عنده فكرة عن الزمان .. مفادها أن الزمان مرتبط بالحركة في الكون الذي لا يعرف السكون أبدا ً ..
فالأرض تدور حول الشمس .. و القمر يدور حول الأرض .. و الأرض تدور حول نفسها .. و الإنسان بالتالي أثناء حركة الأرض حول نفسها يدور معها ؛ فهو أيضا ً في حالة حركة دائمة ، و عليه يكون ما نعتقده من أننا نقف لا نتحرك هو غير صحيح ؛ لإن الشئ لا تـُدرك حقيقته إلا من خارجه و ليس من خلاله ..

و إذا كان الإنسان في حركة دائمة فإن معني هذا في حديث العلاقة بين الإنسان و الزمان أنه لا وجود لشئ إسمه ماضي و لكن - بتعبير مصطفي محمود - يوجد تذكر لأحداث قبل زمن التذكر - الزمن الحاضر - و كذلك فإن زمان المستقبل ما هو إلا ما نتنبئ به في الزمن الحاضر عن الأحداث القادمة ..و بالتالي فمعني هذا إنه لا يوجد شئ إسمه زمان ماضي و لا شئ إسمه زمان مستقبل و لا شئ إسمه زمان حاضر بالمعني الحقيقي .. و إنما حقيقة الزمن هي الصيرورة .

المدونة الآن في طــور التجديد و التحديث و إعادة النظر في بعض الموضوعات .
حدث اثناء عملية التحديث فقد بعض الموضوعات .. و سوف نعيدها مرة أخري .

صاحب الشطحات

صورتي
باحث عن الحقيقة،حقيقتي،وحقيقة كل شئ،متناقض،ربما،ناقد لكل ما حولي،أكيد،أتطلع للسمو لكني ملتصق بالأرض.



الشتم لغة العجزة