صفوها أنتم بما شئتم .. فلا أعرف لها وصف محدد، أنا فقط أريد أن أعبر عن ذاتي.

٢٠٠٨-٠٣-١٠

الخطاب الديني الحيواني



هل كان القرآن عُنصريا ً حين قال في معرض حديثه عن اليهود كونوا قردة خسئين ؟!
إستوقفني هذا السؤال حين قرأت دعاية بأحد الشوارع تُندد بالرسوم الدانمركية المسيئة لرسول الإسلام محمد بن عبد الله ؛ فقد جاء في الدعاية النص التالي صراحة :( قاطعوا بلاد الأبقار ) !!
التساؤل الثاني : أهكذا هناك من المسلمين من ينظر للآخر المخالف المختلف معه – أيا ً كان نوع الخلاف أو الإختلاف أو درجته أو صحته من خطئه ؟.هذا كلام و رد فعل ينطوي علي مخزون نفسي و فكري و تراثي و ثقافي في العقل الباطن المسلم يدل علي ما به من عِوار و خِوار ؛ إذ بهذا العقل الباطن المريض يُقسم الناس إلي خنازير و أبقار و غيره من الحيوانات الأخري .. و كأن الأنسانية صفة لا يستحقها إلا من يدين بالاسلام دينا ً .. فأي مصيبة تلك و أي خبل ؟!
أهذا كل ما نمتلكه من أسلحة للرد علي من أساء ، سلاح الشتيمة .سلاح الضعفاء و المهزوزين .

و عودة إلي السؤال الذي أفتتحنا به الموضوع : هل كان القرآن عُنصريا ً حين قال في معرض حديثه عن اليهود كونوا قردة خسئين ؟!

و جواب السؤال كما يهدينا إليه العقل و الفطرة هو :
إن كان يقصد عموم اليهود فنعم هو عنصري .
و إن كان لا يقصد عمومهم .. و يقصد معني آخر .. فلا .

ما جاء الاسلام – حسب فهمي له – ليُبيد غير المؤمنين به من خارطة العالم ، و لا لينتزعهم إنتزاعا من قائمة البشر و يضعهم غصبا ً في مستوي أقل من البشر . و ما جاء ليوزع علي الناس أوصافا ً عنصرية أو تهكمية فهذا قطعا ً ضد ما نعرفه هنا من بلاغة و أدب و تميزه بأسلوب راق في الحوار و المجادلة خصوصا ً مع المخالفين للدين .

إذن فالأكيد عقلا ً و فطرة أن مقصود القرآن من قول القرآن في حديثه عن اليهود ( كونوا قردة خسئين ) ليس لعموم اليهود .. و لا لخصوصهم أيضا ً و إنما الكلام لابد و أن يكون موجها ً إلي المعني التالي و هو : أن كل من يفعل كذا و كذا و كذا من الذنوب فحاله كحال القرود . و نحن نعلم كيف هو حال القرود التي لا تصلح إلا للتلسية و نحن نراها كأنها في قلق مستمر و عدم هدوء و راحة بال . و الكلام لابد و أن لا يكون مخصوصا ً باليهود فقط بل لكل من يفعل هذه الأفعال سواء من الأمم التي سبقت اليهود أو لاحقتها ؛ لأن النفس الإنسانية كحقيقة مصدرها واحد ، بمعني أن لها أساس مشترك في إنها مفطورة علي حب الخير و الحق و الجمال ، و تنفر من الشر و الظلم و القـُبح ، و من إنها لا تجد راحتها إلا حين تنسجم مع هذه القيم الكبري و لا تشقي إلا بعدم تلاقيها معهم .

و إذا كان هناك من المعترضين من سيظل عند نفس رأيه العنصري البغيض أن يسلموا و لا يعارضوا برأي النفر الذين يختزلون القرآن في إنه مجرد كتاب تاريخ ؛ إذ لا مبرر لهؤلاء المعترضون علي الإعتراض طالما أن فهمهم للمواضع التي تتحدث عن اليهود أنه خطاب في اليهود فقط و ليس للناس و الأمم كافة .

ً إن حل مشكلة الرسوم المسيئة للرسول لن يأتي بالوسائل العاجزة من شتيمة و خطب رنانة و إنما الحل في أن نفهم أولا ً معني التعايش مع الآخر المخالف لنا المختلف عنا و لن نفهم إلا إذا تخلصنا من أكذوبة أننا – بشكل مطلق – جميعا ً خير أمة أخرجت للناس . فلسنا واقعيا ً خير أمة و إنما الواقع إننا ذيل الأمم .

و الحل يحتاج لوقت طويل جدا ً . و حتي فإن مشيئة الله كانت إنك لن تُكره الناس أن يكونوا مؤمنين .
الموضوع منشور أيضا ً بمدونة الأيام


ليست هناك تعليقات:

صاحب الشطحات

صورتي
باحث عن الحقيقة،حقيقتي،وحقيقة كل شئ،متناقض،ربما،ناقد لكل ما حولي،أكيد،أتطلع للسمو لكني ملتصق بالأرض.



الشتم لغة العجزة