صفوها أنتم بما شئتم .. فلا أعرف لها وصف محدد، أنا فقط أريد أن أعبر عن ذاتي.

٢٠٠٨-٠٨-٢٦

يرما ، فيدريكو غارسيا لوركا


مسرحية تراجيدية لـ فيدريكو غارسيا لوركـا ، الشاعر الأسباني و أحد أعلام الشعر الحديث في مختلف اللغات. و هي أحد ثلاث مسرحيات في الثلاثية التي تضم : عٌرس الدم – أول تراجيديا له ، و يرما التي صدرت في 1934، و منزل برنارد ألبا .

و تحكي المسرحية قصة " يرما " زوجة وفية تحن إلي مولود من زوجها " خوان " الذي يكبرها سنا ً ، و خوان لم يكن إختيارها هي بل إختيار أهلها لها ، و رضت يرما بإختيار أهلها و لم تعترض عليه ؛ إذ عزت نفسها بأن الغرض من الزواج هو الأبناء لهذا كان كل طموحها هو أن تـٌرزق بطفل يملأ قلبها بهجة و يُعطي لحياتها معني ً، لكن خوان لا يهتم بهذا و هو ما يحول حياتهما إلي نكد و تعاسة ، و تظل آملة في أن تتغير الأحوال و ترزق طفلا ً ، و هي طوال المسرحية سواء في حوارها مع صديقتها " ماريا " أو مع الأمهات أو حتي مع الزوجة العاقرة ، تراها أم أكثر منهن أمومة .

نعم؛ كان ما يؤرقها رغبتها في أن تكون أم لكن ليس إلا عن طريق زوجها خوان فهي تحترمه هو و شرفه و عائلته و تحترم أهلها و عائلتها رغم أنها لا تخفي إعجابها بفيكتور و الذي يظهر أنه يبادلها الإعجاب ، و إن كان هو مثلها ثمة ما يمنعه من البوح بهذا لها فهو خجول و متزن و يحترم زوجها و إعجابها به- في رأيي – ليس إلا مجرد محاولة منها لتعزية نفسها و للشعور بأنوثتها التي أيضا ً لا يأبه " خوان " لها .

و تؤكد يرما علي إحترامها للتقاليد و لزوجها في حوارها مع الساحرة الوثنية التي عرضت عليها الهرب من زوجها و التزوج من إبنها الذي سيمنحها الطفل الذي تريد، لكنها ترفض فتنسحب العجوز ، و تتفاجئ يرما أن خوان سمع الحوار كله و يدور بينهما حوار يصارحها فيه أنه لا يريدها إلا زوجة فقط و لا يحب أن يكون له منها طفل و عند هنا تفقد السيطرة علي أعصابها و تَمٌد يدها حول عنقه حتي تأتي عليه و هي تصيح : " لقد قتلت طفلي أنا " .


و قد لفت إعجابي عدة جمل فيها من الحكمة و الجمال الشئ الكثير ، و هأنا أوردها هنا : -
§ خوان : إن الرجال يجب أن يزدادوا نحولا ً لكي يزدادوا قوة .
§ يرما : إن في عروق أي إمرأة من الدم ما يجب عليها أن تمنحه لأربعة أطفال أو خمسة علي الأقل فإذا لم تنجب تحول ذلك الدم إلي سموم .
§ العجوز الوثنية : ما أطول عمر أشجار التين، و ما أطول عمر المنازل ، بينما نحن النساء الشياطين ، نتحول إلي تراب من أجل لا شئ !
§ إحدي الغسالات : كلما إزداد بريق المنزل، كلما إزدادت شدة إحتراقه من الداخل .
§ إحدي الغسالات : ليس الحديث خطيئة .
§ خوان : الغنم في الحظيرة، و النساء في المنازل .
§ يرما : في كل مرة تتوهج رغبتي و يقل أملي .
§ إحدي عجوزتين : ليس هناك في العالم من قوة تضارع قوة الرغبة .
§ يرما : أفضل بكثير أن أبكي من أجل إنسان حي يطعنني بخنجر من أن أبكي من أجل هذا الشيخ الجاثم فوق صدري علي مر السنين.
§ يرما : العقل يريد شيئا ً ، و يريد الجسد شيئا ً آخر لتحل بالجسد اللعنة فهو لا يستجيب لنا أبدا ً، لقد كـٌتب علينا ذلك ، ليس هناك من جدوي في أن أقاوم القدر بذراع واحد.
§ العجوز الوثنية : في حالة الظمأ يسعد المرء لوجود الماء .
§ يرما : ما دام المرء محتفظا ً بالحقيقة في داخله فإنها لا تظهر أبدا ً. و لكن كم تتضخم الحقيقة و تصرخ عندما تخرج معلنة عن نفسها.


و هذه بعض الأشعار التي أعجبتني جدا ً : -

-1-

أقول : خذ ، خذ ما تريد
يا طفلي القادم من بعيد
فأنت قد تكسرني حين تجئ
و أنت قد تمزقني حين تجئ
لكن آلام بطني الخاوي
أول مهد ٍ لك يا حبيبي
أشد قسوة علي حين لا تجئ
فأكسر ضلوعي ، و تعال
مزق فؤادي ، و تعال
متي تجئ يا حبيبي البعيد ؟

-2-

أقول : لو كان زوجك
لديه بذرة خصبك
ألقي بها في ثوبك
إذن لغني ماؤك
فرحا ً ، و أورق عشبك .

-3-

أي حقل موحش قفر طويل
أي باب مغلق دون الجمال
فأنا حين أرجي اليوم طفلا ً
فكأني أسأل الريح المحال
فكأني أسأل الريح زهيره
من ضياء القمر الغافي الجميل
فوق صدري لصق جسمي جدولان
ملئا دفء حليب و حنان
و هما الآن إذا هزا شجيرات الألم
في فؤادي و ضلوعي قفزتان
لحصان
آه يا ثديي تحت الثوب ناما
إنتما طيران لم ينهض جناح
بكما، طيران من غير عيون
أعميان .
آه يا قسوة أحزان دم الصدر السجين
الزنابير تحط الشوك في أعماق فكري
فلنجئ يا حبي الحلو الجميل
مثلما يمنح ماء البحر ملحه
مثلما تمنحنا الأرض الثمر
خٌلقت أرحامنا كي تحمل الأطفال كي تحلو بهم
مثلما يحلو سحاب بالمطر

ليست هناك تعليقات:

صاحب الشطحات

صورتي
باحث عن الحقيقة،حقيقتي،وحقيقة كل شئ،متناقض،ربما،ناقد لكل ما حولي،أكيد،أتطلع للسمو لكني ملتصق بالأرض.



الشتم لغة العجزة