صفوها أنتم بما شئتم .. فلا أعرف لها وصف محدد، أنا فقط أريد أن أعبر عن ذاتي.

٢٠٠٨-٠٩-٢٥

حديث عن التناقضات



أنا إنسان متناقض ، لا أرسو علي بر ، و لا أستقر علي حال ؛ لا طال رأسي السماء و لا لامست قدماي أرض .
و قديما ً كنت انزعج من تناقضاتي ، و غرابة اطواري أما اليوم ، و لا أعلم لماذا ، صار يزعجني أن أحيا بعيدا ً عن تناقضاتي و تقلباتي . أهو الإعتياد أم هو السلام مع النفس أو الإستسلام لها ؟
لكن أي تناقضات أنزعج منها أو أتنكر لها و الإنسان في حقيقته ليس إلا تناقضات فوق تناقضات ،و لولا ما به و ما فيه من تناقضات لما تمكن من إنجاز أو إبتكار أو الدفاع عن شئ أو قيمة من القيم الكبري في عالمنا؛ فالخوف مثلا ً لا يحبه أحد و نمقته و نهجوه و نلعنه و نسأل الله لو يٌبدل خوفنا ً طمأنينة ، و يٌبدل رعبنا سكينة ؛ فالإنسان الأول حين فكر في أن يأوي إلي الكهوف و الغيران ، و حين صنع مساكنه الأولي ، و حين طورها الإنسان الحديث إلي الناطحات العالية و القصور الفارهة و نـٌظم الأمن الدقيقة ؛ لم يكن هذا إلا لخوفه و لبحثه عن الأمان فقاده الخوف إلي الأمان إلي الإطمئنان إلي السلام .
لولا الشر ما عرف الإنسان الخير ، و لولا حب الإنسان للخير ما كره الشر ، و لولا ضرورتهما ، و حتمية وجودهما و تواجدهما معا ً ، ما أستطاع أن ينجز شيئا ً ، بسيطا ً كان ام كبيرا ً ، و المثل السابق يصلح للتدللة علي كل أمر في الحياة و المعاش .
بلي ، أنا إنسان متناقض ، و أحب التناقض الذي في داخلي ،و اتعايش معه بسماحة و تسامح لكن عليَ أن أحبس هذا التناقض داخلي ، و داخلي فقط ، فهو ليس إلا مجرد حافز لي علي النجاح في حياتي و معاشي ، هو الصراع الذي بغيره لا تتغير خارطة وجودي في الدنيا ، هو البنزين الذي يحركني و بدونه أتعطل ، هو طاقتي الحيوية التي دونها أكن خامدا ً هامدا ً .
لا يجب أن أسمح لتناقضاتي الداخلية أن تقتحم الأسوار لتٌدير صراعاتها في حياتي مع الناس ؛ لأن الحكمة و المسؤولية تقتضي و تفرض علي أن أكون مع الناس محدد و صريح و واضح و عملي و أمين فيما أفعله و فيما أقوله ، فأي تقصير مني غير محبوب بل غير مطلوب بل هو ضد رسالة وجودي في هذا العالم الواسع الرحب .أما لماذا هو غير محبوب؟ فلأن المفروض أن الإنسان حامل رسالة وما علي حامل الرسالة إلا أن يكون قدوة حتي يصدقه الناس و يتبعوه و يدرك كل واحد ٍ منهم حجم تقصيره و إهماله فيصلحون من أنفسهم ، و ساعتها يكون الخير العميم . و أما فلماذا هو غير محبوب فالجواب ببساطة لأن غير المحبوب غير مطلوب أساسا ً .
و تناقضاتي تكاد تقتلني أحيانا ً ، إن لم يكن اغلب الأحيان فحين أصل إلي درجة التعادل بين طرفي النقيض ، تصل الحيرة أقصاها ، و الحيرة عذاب و شقاء لا يُحتمل ، تعب لا راحة منه ، و داء لا علاج له غير البتر ، و حتي هذا فلا يُجدي ، فهو و إن تم بتره إلا أن الألم ليزال محسوسا ً في الجزء الموتور ، فما أغني الوتر شيئا ً. الحيرة داء مٌسكنه التغليب و علاجه الحقيقي الأوحد الحسم. أي عذاب يكون حين يتراءي لك الحق ظلما ً، و الظلم حق ، الأبيض أسود و الأسود أبيض ، بل أي تعاسة لو تفقد أصلا ً معرفة الألوان ؟!!
و لا حل ساعتها أمثل من التأجيل ، و ما التأجيل إلا خيبة ، خيبة تمتطي جمل أو يدهسها جمل .

الإسكندرية في 25/9/2008

ليست هناك تعليقات:

صاحب الشطحات

صورتي
باحث عن الحقيقة،حقيقتي،وحقيقة كل شئ،متناقض،ربما،ناقد لكل ما حولي،أكيد،أتطلع للسمو لكني ملتصق بالأرض.



الشتم لغة العجزة