صفوها أنتم بما شئتم .. فلا أعرف لها وصف محدد، أنا فقط أريد أن أعبر عن ذاتي.

٢٠٠٧-٠٨-١٤

ثقافة الكلام المرسل


إن الحديث عن ثقافة الكلام المرسل ليس بالشئ الهين , إذ أن لهذه الثقافة إنعكاسات عميقة تؤثر علي تأخر أو تقدم المجتمعات تبعا ًلمدي إنتشارها أو إنحسارها .و بداية ينبغي التمييز بين ( ثقافة الكلام المرسل ) و بين ما يمكن أن نسميه بـ ( ثقافة الكلام الدقيق ) . فيبنما الثانية تقوم علي أسس موضوعية كمحاولة الوصول إلي الحقيقة وحدها , و التأكد من صحة ما يُسمع و ما يُقال , بالتدقيق الشديد في الكلام و محاولة إختبار صدقه من كذبه , و حقيقته من وهمه , ثم عرض النتائج في النهاية و رصها بطريقة كيفية رصينة .نجد أن ثقافة الكلام المرسل هي علي نقيض ذلك كله , تتسرع الأحكام و تتعجل النتائج , و تعرض لأفكارها بطريقة كمية خفيفة . و بمعن ً آخر , فالفارق بين الثقافتين أنه بينما ثقافة الكلام الدقيق تقوم علي الموضوعية و إعمال العقل , تقوم ثقافة الكلام المرسل علي الخفة و راحة العقل . و ثقافة الكلام المرسل , مولودة من الجهل و ناشرة له أيضا ً . و هي كذلك مولودة من التعصب و مولدة له فهي تخاطب المشاعر و العواطف لا العقول و هي كالسرطان الذي يتمدد في الجسم حتي يغطيه كله بمرور الزمن حتي يصبح مآله الفناء . و اللافت للنظر , أنك حيث تري مجتمع متخلف تجد هذه الثقافة شائعة فيه , و عكس هذا لا تري مجتمعا ً متقدم إلا و هي محسورة فيه , و لا ادل مثال علي ذلك من أوربا و نقلتها الكيفية من جهالة العصور الوسطي إلي مدنية العصور الحديثة , حين أختلف تفكير الناس من ( انا أصدق و لهذا يمكن أن أفهم ) إلي ( أنا أفهم و لهذا يمكن أن أصدق ) .و لعل قديما ً تنبه أفلاطون إلي هذا حين أشار في مدينته الفاضلة إنه لن تتحقق سعادة أو خير أو عدل للبشرية إلا إذا حكم العالم الفلاسفة , فالناس حسب تقسيمات عقولهم ثلاث عقول , كما يشير , سيد يوسف , عقول صغيرة تهتم بشخصنة الأمور , و عقول عادية تهتم بمناقشة شئون الحياة اليومية , و عقول كبيرة لا تهتم لا بشخصنة الأمور و لا بمناقشة شئون الحياة بل هي إما تدحض الآراء أو تعدلها أو تضيف إليها .و من هذا فإن سبب إنتشار هذه الثقافة هو وجود ( أزمة عقول كبيرة ) , فلا جدال أنه كلما أتسعت قاعدة العقول الكبيرة كلما أتجهنا أسرع نحو التقدم علي كافة المستويات , و كلما لا زالت قاعدة العقول الصغيرة و العادية تتسع كلما تخلفنا عن هذا . اننا نحتاج الي ( تعليم حقيقي ) يُعمق الفكر و يخلق روح النقد و الشك , و يفتح نوافذ جديدة علي الابداع , و يرسي قيم الحوار الجاد و الهادف و البناء و ننظر إلي اليابان , و كيف أنها تدين بتقدمها الحالي , بثورة تعليمية بدأت من عهد الميجي فجعلتها قوة كبيرة لها شأنها و وزنها في العالم .هذا هو السبيل للحد من هذا السرطان الخبيث " ثقافة الكلام المرسل

ليست هناك تعليقات:

صاحب الشطحات

صورتي
باحث عن الحقيقة،حقيقتي،وحقيقة كل شئ،متناقض،ربما،ناقد لكل ما حولي،أكيد،أتطلع للسمو لكني ملتصق بالأرض.


المخزن


الشتم لغة العجزة