صفوها أنتم بما شئتم .. فلا أعرف لها وصف محدد، أنا فقط أريد أن أعبر عن ذاتي.

٢٠٠٧-٠٨-١٤

زمن باراباس


حين يختلط الحابل بالنابل , و تضيع الحقيقة . حين تختلط الألوان و تتداخل و يختلط الابيض بالاسود و يصبح من العسير الفصل بينهما , حين تكون الخيلنة و الوضاعة و الخسة و النذالة هي أقوي العملات , و يصير الصدق و الشفافية و الوضوح أحط العمل . حين يصبح الحق أسطورة , و يصبح الباطل بكل ألوانه و أشكاله , هو ما يصوغ الواقع , بل الواقع نفسه فهذا زمن باراباس . زمن باراباس الذي يقدس فيه الناس كل ما هو " باراباسي " حتي يعبدوه و يدمنوه . و باراباس هو اللص اليهودي الذي عاصر السيد المسيح , و طالب اليهود الحاكم الروماني بيلاطس بالعفو عنه بدلا من المسيح . أرادوا من بيلاطس العفو عنه لأنه يخاطب فيهم ما ألفوه من غش و نفاق و رياء و تدليس . فضلوه علي المسيح الذي يدعو لقيم روحية و سامية وجدوها تتعارض مع منطقهم و مصالحهم فنحوا الفضيلة جانبا ً حين وجدوها تعارض مطامعهم . قد تبدو القصة انتهت منذ ألفي عام لكنها تظل الحقيقة الواقعة و الباقية في كل زمان و كل مكان و أخلص تعبير عما يدور من صراعات بين كل ما هو خير و كل ما هو شر . نراها اآن حقيقة قائمة في واقعنا . لقد جرفتنا المادية الساحقة في تيارها العارم حتي طأطأنا لها رؤوسنا مستسلمين في النهاية لما فرض عيلنا دون إبداء مقاومة فصارت أي محاولة للثورة علي هذا الوضع ضرب من الجنون و أصبحت الصرخات الصادقة صرخات حيري في البرية ليس لها من مُستمع أو مُجيب . فكذبنا كل مسيح يأتي يُذكرنا بخطايانا و إضطهدناه و صلبناه . و بدلا ً من إبداء الندم علي صلبه .. سعينا جريا وراء ماديتنا .. للتربح من دمائه .. فتناءت المسافات أكثر بيننا و بين ما كان يدعو إليه .. اتهمنا كل محاولة للمواجهة مع الذات بصدق إنها جلد له و قسوة تُعطل التقدم , و غفلنا عن اننا لن نتقدم خطوة حقيقية نحو الامام الا اذا عرفنا انفسنا اولاً.. و جيداً.. اتهمنا كل محاولة للمواجهة مع الذات انها عبث و هراء لا طائل من ورائه و قلنا فلنمضي فيما بدأنا عليه و غفلنا عن ان ما بني علي خطأ فهو خطأ بل غلو في الخطأ و تصميم علي الفشل .. جرفتنا حياة المادية علي حساب قيمنا الروحية و الاخلاقية فكان التواطؤ مع كل مفسد او فاسد سعيا وراء مكاسب شخصي ضيقة , فلا عجب أن نجازيه خيرا ً و نعاقب من يريد الاصلاح الحقيقي . تخيلنا ان ما نفعله هو الموضوعية و الواقعية بأم عينهما , إذن فلنسأل أنفسنا و بصدق , و بموضوعية و واقعية شديدة , ماذا افادنا هذا التفكير ... ؟ و سنصل إلي الجواب الواقعي و الموضوعي الحق , لا شئ سوي أنه زادنا فرقة و شرزمة و مادية فوق ماديتنا و زاد الخراب خرابا و الفاسد فسادا و الضال ضلالا َ...فلنفقف في لحظة صدق و تأمل مع أنفسنا .. نراجع مواقفنا .. و أعتقد أن كل صادق مع نفسه و كل من يريد الخير له و لللآخرين , أن المصلحة في إقرار كل ما هو حق و خير و نبذ كل ما هو ضلال و شر . أن المصلحة ليست في الانكفاء علي انفسنا فقط ..بل في ان نعمل لللآخرين قبل انفسنا .. ان ما اكتبه ليس شطحات حالم .. بل في ايدي كل منا تحقيقه لو خلصت النوايا و أراد كل منا أن يكون مسيح نفسه و عالمه .. حينها فقط .. سيسود .. الحق و العدل الذي نريده ..__________________

ليست هناك تعليقات:

صاحب الشطحات

صورتي
باحث عن الحقيقة،حقيقتي،وحقيقة كل شئ،متناقض،ربما،ناقد لكل ما حولي،أكيد،أتطلع للسمو لكني ملتصق بالأرض.


المخزن


الشتم لغة العجزة