صفوها أنتم بما شئتم .. فلا أعرف لها وصف محدد، أنا فقط أريد أن أعبر عن ذاتي.

٢٠٠٧-٠٨-١٤

حزب الجبهة هل يصلح كبديل ؟








شهد الإسبوع المنقضي إنطلاق حزب جديد إلي الحياة السياسية المصرية هو حزب " الجبهة الديموقراطية " بعد موافقة لجنة شئون الأحزاب عليه . و هو حزب يمتلئ بالأسماء الكبيرة في عالم الفكر و السياسة و القانون و الاقتصاد و الأدب و الأعضاء الذين يمثلون – ما يُمكن أن يُطلق عليه مجازا ً – الطبقة المثقفة .

و السؤال هنا : هل ينجح هذا الحزب الوليد فيما فشلت فيه الأحزاب الأخري في الوجود كقوة حقيقية و مؤثرة و إيجابية و بناءة في الواقع السياسي و الإجتماعي و الفكري المصري - إستنادا ً إلي الرأي الذي يردده دائما ً الفيلسوف مراد وهبة أن " أحزاب بلا فلاسفة هي أحزاب كرتونية " و الذي كما يتضح من قائمة أسماء مؤسسي الحزب يزخر بعدد من قادة الرأي و الفكر – أم يكون مجرد عددا ً في الليمون كالأحزاب السابقة التي لم تقدم شيئا ً حقيقيا ً ؟

من خلال إطلاعي علي أدبيات الحزب لاحظت ما يأتي :-
1- الحزب يدعو لدولة مدنية أساسها المواطنة – الكاملة – ملتمسا ً في المرجعية الثقافية و الحضارية و التاريخية لعلاقة التسامح بين عنصري الأمة – الأساسيين – الخير في نجاح هذه الدعوة إعتمادا ً علي الاسلام المعتدل و المسيحية السمحة .
2- الحزب يري أن ضمان حرية التعبير لايتم إلا إذا أُبعدت يد الدولة عن أجهزة الصحافة و الإعلام فيتحرر بذلك الجهاز الإعلامي من الخطاب السلطوي الذي يختزل الدولة في شخص وحيد هو شخص الرئيس يبرر له و يدافع عنه و عن مواقفه و أهواؤه و أخطاؤه ، و هو ما يفتح المجال أكثر نحو ترسيخ مبدأ الشفافية – الذي هو مبدأ لا ينبغي أن يتجزأ لإرساء دعائم أي ديموقراطية حقيقية .
3- الحزب يدعو إلي الإهتمام بالثقافة بل و يجعل أن الدولة يجب أن تكون مسؤولة عن وضع سياسة ثقافية و يدعو الحزب أن تكون أهم محددات هذه السياسة الثقافية : تأصيل ثقافة الديمقراطية – أسريا ً و تعليميا ً و مجتمعيا ً . و ثانيا ً إحترام التعدد الثقافي فالحزب يري أن نهضة العلوم و الفنون و الإبداع بجميع مظاهره مرتبط عضويا ً بإحترام الحريات . و ثالثا ً يري الحزب أن المنطلق الصحيح للنهضة الثقافية هو الإعتماد علي التفكير العلمي و يري لذلك ضرورة تشجيعه و سيادته علي كافة المستويات . و رابعا ً لن يتم مجاراة التقدم الحادث في العالم دون تعزيز ثقافة المستقبل .
4- الحزب يولي قضية التعليم إهتماما ً كبيرا ً و يري ضرورة إعادة النظر في السياسة التعلمية ككل و أن يكون التعليم عصريا ً و يمنع الإزدواجية الحادثة الآن و التي منبعها تعدد أنواع التعليم الموجود حاليا ً بمصر . و يري ضرورة إعادة النظر في شكل المناهج نفسها التي يراها لا تلائم طبيعة العصر فهو – التعليم – ينبغي له أن يستثير الإندهاش عند الطالب مما يولد عنده روح البحث لا أن تكون وسائل كالحفظ و التلقين و الإملاء و الطاعة هي المتحكمة في العملية التعليمية فهي وسائل التعليم التقليدية – التي عفي عليها الزمن – في بداية القرن العشرين . و هو يري أيضا ً ضرورة تعديل نظام الإمتحانات بحيث لا يتدخل في التقييم النهائي العوامل الإنسانية . و ضرورة تعديل نظام الالتحاق بالجامعات . و أن تكون الدولة مسؤولة عن مجانية التعليم حتي المرحلة الاساسية التي لا تقل فيها الدراسة عن اثنتي عشر سنة .
5- في سياسته الداخلية يري الحزب أن بناء دولة المؤسسات و وضع دستور ليبرالي حقيقي و احترامه لحقوق الانسان و تحرير و دعم منظمات المجتمع المدني و تحرير الصحافة و الاعلام و تطوير النظام الانتخابي و حرية تكوين الاحزاب السياسية و إنهاء أو تعديل بعض القوانين المقيدة للحريات و اعتماد الشفافية و محاربة الفساد و دعم اللامركزية السياسية و الادارية و المالية هي ضمانات لحياة ديموقراطية سليمة .
6- و في سياسته الخارجية يري أن مصر عليها لعب أدوار مؤثرة في محيطها العربي و الاسلامي و المتوسطي و الافريقي و التعامل مع القوة الجديدة في آسيا إقتداءا ً بتجاربهم الناجحة في مجالات التحول الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و التقني حيث إن لبعض هذه القوي ظروف تتشابه كثيرا ً مع ظروف و أحوال مصر . و يري الحزب أن تتعامل مصر مع القوي الدولية و علي رٍأسها الولايات المتحدة الأمريكية من منطلق قوي فيما يتعلق بمصالح مصر التي تراها لا جدال فيها و هو السبيل الذي يجعلها تنجح في إستعادة دورها الإقليمي الذي فقدته – أو فقدت جانبا ً كبيرا ً منه في السنوات الأخيرة لصالح قوي أخري .

إن برنامج الحزب علي جانب كبير من القوة و التوازن و الموضوعية فيما يتعلق بالقضايا التي تناولها . و لكن هل يُصبح هذا البرنامج حبرا ً علي ورق خاصة ً و قد حامت شبهات كثيرة حول الموافقة عليه دعت البعض للقول أنه حزب ديكوري يُسيطر عليه الحزب الوطني و أن الغرض من الموافقة عليه هو أن يخوض مرشح عنه إنتخابات الرئاسة المقبلة في مقابل جمال مبارك من الحزب الوطني و أستشهد أصحاب هذا الرأي بدعوة الحزب قبيل حصوله علي الموافقة للمواطنين للمشاركة في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية التي قاطعتها أحزاب و قوي وطنية كثيرة . بينما رجح د. أسامة الغزالي حرب – وكيل مؤسسي الحزب – أن السبب في ذلك هو اختلاف و تميز برنامجه مقارنة بالأحزاب الأخري كما أنه لا يستبعد أن تكون علاقته بالنخبة الحاكمة بشكل عام قد دعمت موقف حزبه . و أعتقد أن السبب الحقيق وراء الموافقة هو كون الحزب – من جانب – بديلا ً عن التيار الديني و هو ما يعني السلطة هنا بمكان – هو السبب و من جانب آخر يُشكل أمام الناس بديلا ً للحكومة .

إن لدي حزب الجبهة – بما يملكه من امكانيات بشرية و بالظرف الذي ظهر فيه – إن أحسن إستغلاله و نجح في كسب ثقة الناس بالرهان الحقيقي عليهم – و باعتماد السياسة الواقعية أن يكون بديلا ً حقيقيا ً و لكن ليس الآن .. ليس قبل أن يتمكن من بناء قواعده بناءا ً فكريا ً قويا ً و ليس قبل أن يمهد لمشروعه الفكري و السياسي في الشارع خاصة بين جماعة المثقفين .

نشر بمجلة شبابيك







ليست هناك تعليقات:

صاحب الشطحات

صورتي
باحث عن الحقيقة،حقيقتي،وحقيقة كل شئ،متناقض،ربما،ناقد لكل ما حولي،أكيد،أتطلع للسمو لكني ملتصق بالأرض.


المخزن


الشتم لغة العجزة